يا عام عشرين، شعر: عبد الرزاق
الحمد
مرثية الإمام المحدث الشيخ محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله رحمة
واسعة-
ما لي أراك تباري الشمس إمعاناً .... الموت يخفي وتزهو اليوم إعلاناً
سواك يطمسه موت وأنت به .... ولدت مرتقباً عرساً وتيجانا
كأنك الشمس أخفاها السحاب فما .... ينفك إشعاعها ينداح ألوانا
كأنك النبع دفق الماء يفضحه .... حتى وإن حجبته الغاب أغصانا
كأنك الصبح مهما الليل غالبه .... إلا وأيقظ أبصاراً وآذاناً
سواك ذكراه في مال وفي نسب .... وصرت للسنة الغراء عنوانا
وعيت منها جبالاً من مراجعها .... فكنت بحراً وكانت فيك حيتانا
حررت رأيك من أغلال مذهبها .... وللأئمة تعلي قدرهم شانا
محصت كل صحيح من شوائبها .... كما تنقي من الشطآن ذهبانا
نخلتها فاستبانت في مواطنها .... حسناً وسقماً وتصحيحاً ونكرانا
فرقت للحق شمساً في مطالعها .... حتى غدا كل شرق منك مزدانا
جددت للناس في نهل الحديث هوى .... أودى القلوب فهل أحصيت قتلانا !
أشهدتنا مثلاً للعبقري طوى .... في كل عصر من الإبداع ميدانا
وجئت صدقاً بما لم يستطع علم .... من سابقيك وما آليت إتقانا
ونلت في حومة الأعلام مفتئداً .... قد جاوز الدهر أفاقاً وشطآنا
قالوا وقالوا وما أعيت مقالتهم .... فما عليك إذا وفيت إحسانا
وما على السيل إن طفت جوانبه .... لكنه غادر المرباع ريانا
أهل الحديث على الأعصار جنتها .... وكنت في عصرنا عدناً ورضوانا
هذا هو الدين يعلي شأن حامله .... كانوا من الروم أو فرساً وألبانا
يا ناصر الدين قد صدقت نصرته .... فما عليك إذا خلفت دنيانا
في واسع الأمل الفواح تنشدها .... في الخلد متشحاً روحاً وريحانا
يا عام عشرين كم أبليت في كبدي .... فجائعاً تتوالى منك أحزاناً
غدوت بالباز تفري في حسرته .... ورحت تذكي بالألباني أشجانا
يا عام عشرين أي الفخر تكتبه .... فقد صدعت لعز الدين أركانا
يا عام عشرين أين الفخر تكتبه .... أما كفاك فكم قرحت أجفانا
أما كفاك طويت العقد جوهرة .... من بعد أخرى فهل أغنيت أكفانا
لولا الرجاء على الآلام يصحبني .... لاغتالني اليأس من دهري بما كانا
المصدر: مجلة الدعوة (1713/40).