الألباني رافع لواء التصفية
والتربية ! بقلم: محمد صفوت نور الدين
منيت الأمة الإسلامية بفقد عالم من علمائها أظهر في الناس علم الحديث
والفقه فيه . . وعى السنة ، وقمع البدعة ، وأفنى حياته في مشروعاته
العلمية من تقريب السنة النبوية ، واعتنى بمنهج رفع لواءه باسم التصفية
والتربية ، ألا وهو الشيخ العالم العلم / محدث العصر وفقيهه ، داعية
السنة وناصرها ، وقامع البدعة وداحضها وحازمها : الشيخ محمد ناصر الدين
بن نوح بن آدم نجاتي الألباني .
ولد في أشقودرة بشمال ألبانيا سنة 1333 هـ الموانق سنة 1914 م ومات -رحمه
اهلو تعالى- في عمان عاصمة الأردن سنة 1420 هـ بعد عصر السبت الثاني
والعشرين من جمادى الآخرة الموافق الثاني من أكتوبر ( تشرين ) سنة 1999م
.
والشيخ الألباني هو مقدم الحكماء وناصر الفقهاء وعمدة المحدثين في عصره
وهو صاحب السيرة الحميدة ، والمناقب العديدة ، والمؤلفات المفيدة ،
والتعليقات الرشيدة ، والردود السديدة ، والمآثر المجيدة ، وهو طويل
الباع ، واسع الاطلاع ، قوي الإقناع ، إلى الحق إن وجده رجاع .
وهو عالم السنة ، وعلم على السنة ، من طعن فيه وقع في الطعن في السنة
بعده ، لأن اهلد أزاغ بهذا الطعن قلبه .
تقاربت وفاته -رحمه اهل تعالى- مع وفاة جملة من العلماء الربانيين الذين
هم شمس الدنيا ، ومصابيح الأمة ، بهم يستضاء في الظلمة ، ويستأنس في
الوحشة ، غيابهم نكبة ، وموتهم مصيبة عظمى ، يخشى على الأحياء بعدهم من
الفتنة ، فوجب على الأحياء بعدهم أن يضرعوا إلى اهل سبحانه ضراعة الدجل
الخائف ليلطف بنا ، فلا يفتنا بعدهم في ديننا ، وأن يحبب إلينا لزوم شرع
ربنا ، والاستمساك بسنة نبينا -صلى الله عليه وسلم- والسير على هدي
العلماء الربانيين ، وإن رحلوا ، والاستمساك بمنهج أهل السنة والجماعة .
والألباني -رحمه الله تعالى- علم الأعلام ، صاحب الكتب الكثيرة ،
والحسنات العديدة ، أخطاؤه في بحر حسناته مغمورة ، وأقوال القادحين له
بين أقوال المخلصين المادحين مقهورة ، العارفون لفضله والمقتبسون من كتبه
أخبارهم مشهورة ، ونقل العلماء والكتاب المحققين واستفادتهم منه في
مصنفاتهم منشورة ، تعمر المنابر من العلم الذي بثه ، وتذخر الكتب بالخير
الذي صنفه ، وتزين المجالس بعباراته المفيدة .
استخرج الكنوز المدفونة ، ووضع علومه في مصنفات دقيقة مأمونة ، يستنصح
العلماء ويعمل بالنصيحة إذا وصلته ، ولو من ناقد أو حاقد ، ويرجع عن قوله
في تواضع جم للحق إذا وجده ، يجالس الطلاب الراغبين ، ويبسط الحبل
للمستفهمين المستفيدين ، ويناظر كثيراً من المبتدعين ، يتكلم بالحق الذي
عرفه ، فيتكلم في الوضع اللائق ، ويسكت السكوت الحكيم ، ويجيب الجواب
المستقيم .
وصفه أعلم أهل عصره الذي كان يقترن ذكرهما معاً عند طلبة العلم الشيخ ابن
باز -رحمه الله تعالى- ، وهو سابقه إلى ربه قال عنه : هو من إخواننا
الطيييين ومن أنصار السنة وله جهود مباركة في السنة . وقال أيضاً - :
لكنه معروف من أنصار السنة ومن دعاة السنة ومن المجاهدين في حفظ السنة.
فاللهم ارحم الألباني رحمة واسعة وألحقه بالنبيين والصديقين الشهداء
والصالحين وحسن أولئك رفيقاً . . واللهم أجرنا في مصيبتنا بفقده وأخلف
لنا خيراً منه علماء عاملين يأخذون بأيدينا إلى الطريق المستقيم . . .
اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر اللهم لنا وله .
المصدر: مجلة الفرقان (115/17).