قال الشيخ الألباني ـ رحمه الله 
		  تعالى ـ في سلسلته الصحيحة المجلد الأوّل ـ تحت حديث رقم (160 ) ـ :
		  
		  ( ..فالحقُّ أنّ الحديث نصٌّ صريح على عدم مشروعية (التقبيل) عند اللقاء 
		  ، ولا يدخل في ذلك تقبيل الأولاد والزوجات ؛ كما هو ظاهر .. 
		  وأمّا الأحاديث التي فيها أنّ النبيّ صلي الله عليه وسلم قبّل بعض 
		  الصحابة في وقائع مختلفة ؛ مثل تقبيله واعتناقه لزيد بن حارثة عند قدومه 
		  المدينة ، واعتناقه لأبي الهيثم بن التيهان ، وغيرهما ؛ فالجوّاب عنها من 
		  وجوه : 
		  (الأول ) : أنها أحاديث معلولة لا تقوم بها حجة ، ولعلنا نتفرغ للكلام 
		  عليها ، وبيان عللها إنْ شاء الله تعالى . 
		  ( الثاني ) : أنه لو صحّ شيء منها ؛ لم يجز أن يعارض بها هذا الحديث 
		  الصحيح ؛ لأنها فعل من النبيّ صلي الله عليه وسلم يحتمل الخصوصيّة أو 
		  غيرها من الاحتمالات التي توهن الاحتجاج بها ، على خلاف هذا الحديث ؛ 
		  لأنه حديث قوليّ وخطاب عام موجّه إلى الأمة ؛ فهو حجة عليها ؛ لما تقرر 
		  في علم الأُصول أنّ القول مقدّم على الفعل عند التعارض ، والحاظر مقدمٌ 
		  على المبيح ، وهذا الحديث قولٌ وحاظرٌ ، فهو المقدّم على الأحاديث 
		  المذكورة لو صحّت . 
		  ## وأمّــا ( الالتزام ) .. و ( المعانـقة ) ؛ فما دام أنّه لم يثبت 
		  النهي عنه في الحديث كما تقدم ؛ فالواجب حينئذٍ البقاء على الأصل ، وهو 
		  الإباحة ، وبخاصّة أنه ببعض الأحاديث والآثار ، 
		  فقال أنس رضي الله عنه : " كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا 
		  تلاقوا ؛ تصافحوا ، فإذا قدموا من سفرٍ ؛ تعانقوا " . رواه الطبراني في 
		  الأوسط ، ورجاله رجال الصحيح ، كما قال المنذري (3/270) ،والهيثمي (8/36) 
		  . وروى البيهقي (7/100) بسند صحيح عن الشعبي : " كان أصحاب محمد صلى الله 
		  عليه وسلم إذا التقوا ؛ صافحوا ، فإذا قدموا من سفر ؛ عانق بعضهم بعضاً 
		  ". وروى البخاري في الأدب المفرد (970) ، وأحمد (3/495) عن جابر بن عبد 
		  الله قال : " بلغني حديث عن رجلٍ سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، 
		  فاشتريت بعيراً ، ثمّ شددتُ عليه رحلي ، فسرتُ إليه شهراً حتى قدمتُ عليه 
		  الشام ، فإذا عبد الله بن أنيس ، فقلت للبـواب : قل له : جابر على الباب 
		  . فقال : ابن عبد الله ؟ قلتُ : نعم . فخرج يطأ ثوبه فاعتنقني واعتنقته " 
		  الحديث . وإسناده حسن كما قال الحافظ ( 1/ 195) ، وعلّقه البخاري . وصحّ 
		  التزام ابن التَّيِّهان للنبي صلي الله عليه وسلم حين جاءه صلي الله عليه 
		  وسلم إلى حديقته ؛ كما في مختصر الشمائل (113) . 
		  ## وأمّــا ( تقبيل اليـد ) …فـفي الباب أحاديث وأثار كثيرة يدلُّ 
		  مجموعها على ثبوت ذلك عن رسول الله صلي الله عليه وسلم والسلف ، فنرى 
		  جــواز (تقبيل يد العـالم ) إذا توفّرت الشـروط الآتية : 
		  1 _ أنْ لا يتخذ عادةً بحيث يتطبع العالم على مدّ يده إلى تلامذته ، 
		  ويتطبّع هؤلاء على التبرك بذلك ، فإنّ النبي صلي الله عليه وسلم وإنْ 
		  قُبلت يده ؛ فإنما كان ذلك على الندرة ، وما كان كذلك ؛ فلا يجوز أن 
		  يُجعل سنة مستمرة ؛ كما هو معلوم من القواعد الفقهية . 
		  2 _ أنْ لا يدعو ذلك إلى تكبر العالم على غيره ورؤيته لنفسه ؛ كمــا هو 
		  الواقع مع بعض المشايخ اليوم . 
		  3 _ أنْ لايؤدي ذلك إلى تعطيل سنة معلومة ؛ كسنة المصافحة ؛ فإنها مشروعة 
		  بفعله صلي الله عليه وسلم وقوله ، وهي سببٌ شرعيّ لتساقط ذنوب المتصافحين 
		  ؛ كما روي في غير ما حديث واحد ؛ فلا يجوز إلغاؤها من أجل أمر أحسن 
		  أحواله أنـه جائـز . ) ا.هـ 
		  
		  سلسة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها ( 1/ 300 ـ 302 تحت حديث 
		  رقم 160 )