هذه محاضرة للشيخ الألباني رحمه
الله ألقيت -غالب الظن- في مدينة جدة في شهر 10 من عام 1413هـ - الموافق
1 / 5 / 1993م. رحم الله الشيخ وأسكنه فسيح جناته..
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهدية ونعوذ بالله من شرور
أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،
ياأيها الذين آمنوا أتقو الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون
يأأيها الناس اتقو ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث
منهما رجالاً كثيرا ونساء واتقو الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله
كان عليكم رقيباً ياأيها الذين آمنو اتقو الله وقولو قولاً سديدا يصلح
لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما..
أما بعد
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر
الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلاله وكل ضلالة في النار. وبعد
فإنه ليسرني جدا إقبالكم في هذا البلد الطيب إن شاء الله بسكانه الراغبين
في إتباع سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم هذا الإقبال الذي يذكرني بحديث
النبي صلى الله عليه وسلم (كان جالساً ذات يوم وحوله أصحابه وهو يذكرهم
ويعلمهم مما آتاه الله عزوجل من وحي السماء لما أقبل ثلاثة نفر أما أحدهم
فوجد فراغا فتقدم أما الثاني فاستحيا فجلس في المؤخرة أما الثالث فولى
مدبراً ولم يعقب فقال أما الرجل الأول الذي أقبل فأقبل الله عليه وأما
الآخر الذي أستحيا فجلس من خلف فقال فقد إستحيَ الله منه أما الآخر
الثالث الذي ولى مدبراً فأدبر الله عنه وأعرض عنه).
فإقبالكم هذا على مجلس العلم يبشر بخير كثير إن شاء الله تبارك وتعالى.
الأمر الذي يذكرني أيضاً بحديث آخر فعن أبي هريرةt قال:قال رسول الله (
وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا
غشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن
عنده) فنسأل الله عزوجل أن يجعلنا من هؤلاء الذين تحفهم الملائكة وتنزل
عليهم الرحمة ولايكون مثل هذا الفضل الذي ذكره في هذا الحديث لأي علم
يجتمع حوله طلاب العلم إلا إذا كان يدورحول كتاب الله وحديث رسول الله
لأن هذا العلم القائم على الوحيين هو العلم الذي ينجي الله به المتبعين
لهما يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
ولقد كان من أسلوب طلب العلم في العهود الغابرة ان يجتمع طلاب العلم حول
عالم فاضل يدرسهم مما علمه الله عزوجل من كتاب الله ومن حديث رسول الله
ثم دار الزمان دورته فانقلب الوضع العلمي انقلاباً لا يبشر بخير حيث أننا
قلما نجد عالماً يجلس لطلاب العلم ويقابل هؤلاء العلماء الذين لايجلسون
لطلاب العلم، طلاباً لا يرغبون في طلب العلم ولذلك فقد خلت المساجد خلت
بيوت الله تبارك وتعالى من تلك الحلقات العلميه التي أشرت إليها آنفاً
والتي كانت بيوت الله تبارك وتعالى بها عامرة ولقد أدركت أنا شخصياً
كثيراً من الحلقات التي كانت تقام في بعض المساجد وكنت أنا شخصياً من
رواد تلك الحلقات يصغي إلى أهل العلم وينتفع منهم من كل منهم حسب ما عنده
من علم بالشرع الشريف ثم صارت هذه المساجد مع الأسف خاوية على عروشها!!..
لا تكاد تجد فيها عالماً جالساً وحوله من يطلب العلم، ولكن انقلب طلب
العلم اليوم إلى وسيلة أخرى !.. وهي بواسطة كثرة الكتب التي تنشر اليوم
بسبب مايسر الله عزوجل من وسائل نشر العلم طباعةً وإذاعةً كما تعلمون
فهذه وسيلة لم تكن معروفة من قبل.
ووسيلة أخرى قد شرعها الله عزوجل منذ أن أنزل الله تبارك وتعالى قوله على
نبيه {فاسألو أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} فهذه وسيلة، ذكر الله عزوجل
بها عباده بأن من كان لا يعلم من المسلمين فعليهم أن يسألوا أهل الذكر،
وأكد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا المعنى الصريح في الآية الكريمة
بحديث جابر بن عبدالله أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل سريةً فأصيب أحد
أفرادها بجراح في بدنه بعد معركة قامت بين المسلمين والمشركين فلما أصبح
به الصباح وقام ليصليَ صلاة الفجر إذا به يرى نفسه قد إحتلم ويجب عليه
الغسل ولكنه بسبب ماأصابه من جراحات كثيرة في بدنه رأى أنه لابد من أن
يسأل أهل العلم لعلهم يجدون له رخصة في ألا يغتسل خشية أن يصيبه ضرر أو
هلاك، فسأل من حوله فقالوا له لابد لك من الإغتسال ولأن نفوس أصحاب النبي
عليه الصلاة والسلام و كانت نفوساً مؤمنة مطمئنة لا يتبعون الهوى ولو كان
في إطاعتهم للحكم الشرعي ما قد يعرضهم للهلاك أو للموت ولذلك فما كان من
هذا الجريح المصاب في سبيل الله إلا أن ائتمر بأمر من أفتاه بأنه لابد له
من الإغتسال فاغتسل فكان عاقبة أمره أن مات !!.. ذلك لأنكم تعلمون أن من
كان في بدنه جراحات وأصابه الماء البارد وهم في العراء ليس بالدار في
البيت وليس هناك وسائل بتسخين الماء فصب الماء على بدنه فكان فيه موته،
فلما وصل خبره الى رسول صلى الله عليه وسلم هاله الأمر!!.. وغضب غضباً
شديداً على أولئك الذين أفتوه بأنه لا بد له من الغسل فدعا على أولئك
الذين أفتوا بغير علم قائلاً (قتلوه قاتلهم الله..قتلوه قاتلهم الله، ألا
سألوا حين جهلوا فإنما شفاء العي السؤال) ألا سألوا هذا هو الشاهد من هذا
الحديث الصحيح وهنا لنا عوده لهذه الجمله ألا سألوا بعد قليل.
ثم قال عليه الصلاة والسلام (كان يكفيه أن يضرب ضربة في الأرض ثم يمسح
بها كفيه ووجهه فإذا هو طاهر. ففي هذا الحديث مما يتعلق بهذه المقدمة
القصيرة إن شاء الله وجوب التحري في الإفتاء للناس وأنه لايجوز أن يفتي
أحد بفتوى إلابعد أن يكون على بينة من فتواه وإلا كان إثم فتواه على من
أفتاه يعود إلى الذي أفتاه.
ومن هنا نعيد التنبيه الى أن الخروج كما يقال في العصر الحاضر للتبليغ
تبليغ الدعوة إنما هو خاص بأهل العلم وليس للجهلة ولا بالذين هم في الخط
الأول في طلب العلم وإنما يكون الخروج لمن كان عالماً في الكتاب والسنة
لكي يتمكن من أن يفتيَ فتوى صادقه وصحيحة مطابقة للكتاب والسنة في ما إذا
سأل مسألة تعرض لبعض من حوله وليست تلك المسألة من المسائل المعتاد وقوع
الناس فيها والتي يشترك في معرفتها عادة كل طلاب العلم.
فها أنتم ترون في هذا الحديث أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
جرح في سبيل الله واحتلم فوجب عليه الغسل فسأل من حوله هل يجدون له رخصة
في أن لا يغتسل قالوا له: لابد لك من أن تغتسل فأطاعهم وهو مأجور في
طاعته لأنه قام بالواجب الذي تُرُتِبَ عليه شرعاً ألا هو..فاسألو أهل
الذكر.. ولكن الذين سئلوا لم يكونوا من أهل الذكر وأنتم تعلمون أن الذكر
في هذه الآيه كمثل قوله تعالى {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس مانزل
إليهم} أي هو القرآن فحينما قال عزوجل في الآية الأولى {فاسألوا أهل
الذكر} إنما يعني أهل القرآن العارفين بمعاني القرآن وبخاصة ما كان منها
من الآيات المتعلقه بالأحكام، ما يجوز وما لا يجوز، مايجب وما لايجب،
ونحو ذلك.
هؤلاء الذين ينبغي لهم ان يتصدروا بإجابة الناس عن أسئلتهم، والطرف
الاكثر من الأمة المسلمة أولئك الذين يجب عليهم أن يسألوا، فمن قام
بالسؤال ولايعلم فقد قام بالواجب الذي أوجبه الله عزوجل في الآية والرسول
صلى الله عليه وسلم في ذاك الحديث.
ومن أفتى بغير علم فلم يقم بالواجب لأن الإفتاء منوطٌ ومربوطٌ بأهل الذكر
وهم أهل القرآن ولا بد لي بهذه المناسبة أيضاً أن أُذكر بأن أهل القرآن
في هذه الآية ليسوا هم حُفاظ القرآن الذين يحفظون القرآن غيباً، ويحسنون
قراءته وتلاوته وعلى حد قوله {ورتل القرآن ترتيل} ليس هؤلاء هم المقصودون
في هذه الآية وإنما المقصودون العارفون بهذا الذكر الفاهمون لمعاني كل
الآيات المتعلقه بالأحكام هؤلاء هم الذين يجب أن يفتوا إذا ما سُئلوا.
أما الذين يحفظون القرآن غيباً ويتلونه تلاوةً صحيحة ولا أقول يتلونه حق
تلاوته لأن معنى حق تلاوته فهمه أولاً فهماً صحيحاً ثم تطبيقه على نفسه
وعلى من يجوز به تطبيقاً كاملا.
إذاً هذه الآية {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون} أهل الذكر هؤلاء هم
الذين يجب عليهم أن يبلغوا الناس أحكام الله عزوجل وليس الجهلة ولوكانوا
مخلصين صالحين وهؤلاء هم الذين يجب إذا سئلوا يفتوا بما علمه الله عزوجل
من كتاب الله ومن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأقول إن من وسائل تلقي العلم التي شرعها الله عزوجل هو السؤال والجواب.
ولذلك فقد رأينا منذ عشرات السنين حينما إنصرف الناس ولم يعودوا يهتمون
بالجلوس مع أهل العلم لطلب العلم أن نكون عوناً لهم على طلب العلم بهذه
الطريقة القرآنية فأسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون.
وعلى هذا جلسنا عدةَ جلسات في هذا البلد الطيب إن شاء الله وألقينا بعض
الكلمات ثم فتحنا باب الأسئلة تطبيقاً لهذه الآية الكريمة فأسألوا أهل
الذكر إن كنتم لا تعلمون وإحقاقاً لذاك الحديث ألا سألوا حين جهلوا فإنما
شفاء العِيُ السؤال.
والآن نتفرغ لسماع أسئلتكم ونجيب على ما يسر الله لنا من تلك الأسئلة.
الأسئلة رقم 739/1..
السؤال الأول : هل سبق للشيخ أن ضعف أحاديث في البخاري وأفردها في كتاب
وإن حصل ذلك فهل سبقك الى ذلك العلماء نرجو مع التبيين وجزاكم الله
خيرا؟.
- أما الشطر الأول من السؤال أن ضعفت بعض أحاديث البخاري، فهذه حقيقه يجب
الإعتراف بها ولا يجوز إنكارها. ذلك لأسباب كثيرة جداً أولها: أن
المسلمين كافة لافرق بين عالم أو متعلم أو جاهل مسلم كلهم يجمعون على أنه
لا عصمة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى هذا من النتائج
البدهية أيضاً أن أي كتاب يخطر في بال المسلم أو يسمع بإسمه قبل أن يقف
على رسمه لابد أن يرسخ في ذهنه أما لا بد أن يكون فيه شيء من الخطأ لأن
العقيدة السابقه أن العصمة من البشر لم يحظى بها أحد إلا رسول الله من
هنا يروى عن الإمام الشافعيtأنه قال: أبى الله أن يتم إلا كتابه.
فهذه حقيقة لا تقبل المناقشة هذا أولاً هذا كأصل. أما كتفريع فنحن وذلك
من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون ولكن أكثر الناس
لايشكرون، قد مكنني الله من دراسة علم الحديث أصولاً وفروعاً وتعديلاً
وتجريحاً حتى تمكنت إلى حدٍ كبير بفضل الله ورحمته أيضاً أن أعرف الحديث
الصحيح من الضعيف من الموضوع من دراستي لهذا العلم على ذلك طبقت هذه
الدراسة على بعض الأحاديث التي جاءت في صحيح البخاري فوجدت نتيجة هذه
الدراسة أن هناك بعض الأحاديث التي لا تبلغ مرتبة الحسن فضلاً عن مرتبة
الصحة في صحيح البخاري فضلاً عن صحيح مسلم. هذا جوابي عن مايتعلق بي أنا،
أما عن مايتعلق بغيري مما جاء في سؤالك وهو هل سبقك أحد ؟ فأقول والحمد
لله سُبقت من ناس كثيرين هم أقعد مني وأعرف مني بهذا العلم الشريف وقدامى
جداً قبلي بنحو ألف سنة مثل الإمام الدار قطني وغيره فقد إنتقدوا
الصحيحين بعشرات الأحاديث.
أما أنا فلم يبلغ بي الأمر أن أنتقد عشرة أحاديث، ذلك لأنني وُجِدتُ في
عصر لايمكنني من أن أتفرغ لنقد أحاديث البخاري ثم أحاديث مسلم، ذلك لأننا
نحن بحاجة أكبر إلى تتبع الأحاديث التي أعيدت في السنن الأربعة فضلاً عن
المسانيد والمعاجم ونحو ذلك. لنبين صحتها من ضعفها بينما الإمام البخاري
والإمام مسلم قد قاموا بواجب تنقية هذه الأحاديث التي أودعوها في صحيحهم
من مئات الألوف من أحاديث، فهذا جهد عظيم جداً جداً. ولذلك ليس من العلم
ولا من الحكمة في شيء أن أتوجه أنا الى نقد صحيحهم وأدع الأحاديث
الموجودة في السنن الأربع وغيرها ليس معروف صحيحها من ضعيفها.
لكن في أثناء البحث العلمي تمر معي بعض الأحاديث في الصحيحين أو أحدهما
فينكشف لي أن هناك بعض الأحاديث الضعيفة.
لكن من كان في ريب مما أحكم أنا على بعض الأحاديث فليعد إلى فتح الباري
فسيجد هناك أشياء كثيرة وكثيرة جداً ينتقدها الحافظ أحمد بن حجر
العسقلاني الذي يسمى بحقٍ أمير المؤمنين في الحديث والذي أعتقد أنا وأظن
أن كل من كان مشاركاً في هذا العلم يوافقني على أنه لم تلد النساء بعده
مثله.
هذا الإمام أحمد بن حجر العسقلاني يبين في أثناء شرحه أخطاء كثيرة في
أحاديث البخاري يرجح أحيانا ما كان ليس في صحيح مسلم فقط ! بل وماجاء في
بعض السنن وفي بعض المسانيد.
ثم نقدي لبعض الأحاديث الموجودة في صحيح البخاري تارةً تكون للحديث كله
أي يقال هذا حديث ضعيف وتارةً يكون نقداً لجزء من حديث أصل الحديث صحيح
لكن جزء منه غير صحيح.
من النوع الأول مثلاً : حديث إبن عباس رضي الله عنه قال نكح رسول الله
صلى الله عليه وسلم ميمونه وهو محرم هذا حديث ليس من الأحاديث التي تفرد
بها البخاري دون صاحبه مسلم، بل إشتركا واتفقا على رواية الحديث في
صحيحيهما.
والسبب في ذلك أن السند إلى راوي هذا الحديث وهو عبدالله بن عباس لاغبار
عليه فهو إسناد صحيح لامجال لنقد أحد رواته، بينما هناك أحاديث أخرى هناك
مجال لنقدها من فرد من أفراد رواتهم.
مثلاً من رجال البخاري رجل اسمه فليح بن سليمان، هذا يصفه الحافظ بن حجر
العسقلاني في كتابه التقريب بأنه صدوق سيء الحفظ!! فهذا إذا روى حديثاً
في صحيح البخاري وتفرد به ولم يكن له متابع أو لم يكن لحديثه شاهد يبقى
حديثه في مرتبه الضعيف الذي يقبل التقوية بمتابع أو بشاهد.
فحديث ميمونه وأن الرسول عليه الصلاة والسلام تزوجها وهو محرم لا مجال
لنقد إسناده من حيث فرد من أفراد رواته كفليح بن سليمان مثلاً لا، كلهم
ثقات أثبات.
لذلك لم يجد الناقدون لهذا الحديث من العلماء الذين سبقونا بقرون لم
يجدوا مجالاً لنقد هذا الحديث إلا في راويه الأول وهو ابن عباس رضي الله
عنه وهو صحابي جليل،فقالوا بأن الوهم جاء من ابن عباس ذلك لأنه كان صغير
السن من جهه ومن جهه أخرى أنه خالف في روايته لصاحب القصة أي زوج النبي
صلى الله عليه وسلم وهي ميمونه فقد صح عنها أنه تزوجها وهما حلال.
إذاً هذا حديث وهِم فيه راويه الأول وهو ابن عباس فكان الحديث ضعيفاً وهو
كما ترون كلمات محدودات -تزوج ميمونه وهو محرم- أربع كلمات، مثل هذا
الحديث وقد يكون أطول منه له أمثله أخرى في صحيح البخاري.
النوع الثاني: يكون الحديث أصله صحيحاً لكن أحد رواته أخطأ من حيث أنه
أدرج في متنه جملةً ليست من حديث النبي عليه الصلاة والسلام من ذلك
الحديث المعروف في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن
أُمتي يأتون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء.. الى هنا الحديث
صحيح وله شواهد كثيرة زاد أحد الرواة في صحيح البخاري (.. فمن إستطاع
منكم أن يطيل غرته فليفعل) قال الحافظ بن حجر وقال ابن القيم الجوزية
وقال شيخه ابن تيمية وقال الحافظ المنذري وعلماء آخرين هذه الزيادة مدرجة
ليست من كلام الرسول عليه الصلاة والسلام وإنما هو من كلام أبو هريرة.
إذاً الجواب تم حتى الآن عن الشطر الأول أي [انتقدت بعض الأحاديث وسبقت
من أئمة كثيرين]. أما أنني ألفت أو ألف غيري فأنا لم أؤلف أما غيري فقد
ألفوا لكن لا نعرف اليوم كتاباً بهذا الصدد.
السؤال الثاني:
فضيلة الشيخ نحن طلبة العلم ما هو موقفنا من جراء هذا العلم العظيم وهو
علم الحديث حيث أنه ورد كثير من الردود بين العلماء. فهل نقلد أحد هؤلاء
العلماء؟ أم نرجح ما ترتاح له أنفسنا كقوله الرسول عليه الصلاة والسلام
(استفت قلبك ولو أفتاك الناس) ؟
الجواب : ما موقفك فيما إذا اختلافا صحابيان في مسألة ما. ما موقفك فيما
إذا اختلفت المذاهب الأربعة في مسألة ما. ؟ فإن كنت اتخذت موقفاً فأبده
حتى نزنه بالقسطاس المستقيم. أما إذا كنت بعد لم تتخذ موقفاً فالجواب عن
هذا السؤال بل عن هذه الأسئلة فسؤالك متعلق بالحديث تصحيحاً وتضعيفاً
سابقٌ لأوانه بالنسبة إليك.
إذا وجدت صحابيين إختلافا في مسألة ما. ماذا تفعل؟ إما أن تكون من أهل
العلم فتستطيع أن تميز الصواب من الخطأ بالدليل من الكتاب والسنة. أو ألا
تكون من أهل علم ! ماذا تفعل والحالةُ هذه فيما اختلافا صحابيان أو
إختلافا الأئمة الأربعة والذين هم نحن لهم تبع في منهجهم في طريقهم في
علمهم الى آخره.. ما أجبت عن هذا وأنا أعتقد أنك مااتخذت منهجاً في هذا.
سأجيبك الآن :
مسألة علم الحديث بلا شك مسألة أدق من السؤال الذي وجهته إليك لأنك حينما
تقف أمام قولين لصحابيين فذلك الإختلاف في مسألة فقهية عملية يمكن أن
يترجح لديك بسهولة أحد القولين على الآخر.
لكن ليس الأمر كذلك في ما إذا قال أحد المحدثين :هذا حديث صحيح ولا أقول
آخر قال ضعيف لا هذا يأتي في المرتبة الثالثة. واحد قال هذا صحيح والثاني
قال حسن والثالث قال هذا ضعيف !!.. هذه مسألة ليس من السهولة أن يتمكن
طالب العلم أن يعرف الصواب مع من منهم !! لكن أسهل منها الكثير ماضربته
مثلاً :صحابيين قالوا مثلاً مس المرأة قال ينقض الوضوء والآخر قال :لا
ينقض الوضوء. واحد قال خروج الدم ينقض الوضوء وآخر قال لا ينقض الوضوء.
ممكن هذا ترجيحه بطريقة أيسرمن ترجيح الصحيح على الحسن على الضعيف.
لكن إذا وقفت أمام مسألة مما اختلف فيه الصحابه وهي : من الفقه الدقيق
الذي ليس فيها دليل واضح من الكتاب والسنة حتى تتمكن من الترجيح. ماذا
تفعل ؟ هنا أظن أنت وأكثر الفقهاء من المتأخرين إتخذوا موقفاً واضحاً في
ذلك فأنا أقول لك الآن :
إذا جاءك قولان عن صحابيين ولم تتمكن من ترجيح أحدهم على الآخر بالأدلة
المتيسرة الواضحه البينة يعني مثلاً قال واحد رأياً بإجتهاد والآخر قال
قولاً معتمد على حديث. فهنا ما يتردد طالب العلم أن يرجح قول الذي إستند
على الحديث على قول الذي استند على الإجتهاد.
لكن إذا كان القولان ليس لهما دليل واضح. هنابلا شك طالب العلم سيحار.
إلا من كان اتخذ له موقفاً معيناً يقتضيه العلم والفقه.
إذا كان عندك عالمان من الصحابه لابد من أن تنظر الى الحقائق التالية :
من أقدمهم صحبة للرسول صلى الله عليه وسلم.
من أعلمهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
من منهم أكثر سفراً وحضراً صحبة مع الرسول عليه الصلاة والسلام.
الى آخره.. وهناك مرجحات أخرى وفيها شيء من الدقة. أكتفى الآن بمثال
واحد: المسألة تختلف بين أن تكون وقعت من الرسول صلى الله عليه وسلم وهو
في بيته، وبين أن تكون المسألة وقعت وهو في مسجده.
ومسألة أخرى ثالثة وقعت وهو في سفره أو اسفاره.لاشك هنا يختلف المسألة
إذا كان إحدى أمهات المؤمنين تتكلم عن مسألة لا تقع من الرسول صلى الله
عليه وسلم إلا وهو في بيته وتكلم صحابي من الرجال بقول خلاف قول أم
المؤمنين وليس عندنا مرجح كما قلنا من قبل. ألا ترى معي أنه حينذاك النفس
تطمئن لقول أم المؤمنين دون قول الصحابي الآخر لأن المفروض أن المسألة
الداخلية أهل البيت أعرف بها من الصحابه الذين هم يعيشون مع الرسول صلى
الله عليه وسلم خارج الدار.هذا مثال تقريبي والعكس بالعكس تماماً إذا
مسألة لها علاقه بأسفاره صلى الله عليه وسلم وقال عمر بن الخطاب أو ابن
عمر أو أبو هريرة أو غيره كلمة غير كلمة أم المؤمنين وهي في عقر دارها
والمسألة ليست متعلقة بدارها. حينئذٍ سنقول قول ذلك الصحابي مقدم على قول
السيده عائشة.
وهناك خبر عن السيده عائشة رضي الله عنها تقول: (من حدثكم أن محمداً صلى
الله عليه وسلم بال قائماً فقد كذب لقد رأيته يبول جالساً أو قاعداً). هي
تقول من حدثكم فقد كذب. لكن حذيفة صادق حيث أنه رأى من الرسول صلى الله
عليه وسلم شيئاً خارج الدار لم تره السيده عائشة رضي الله عنها إذاً نأخذ
بقول حذيفة ونصدق المخبرين معاً. عائشة تتحدث عما رأت لكنها بالغت حينما
قالت }ومن حدثكم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم بال قائما فقد كذب { على
هذا النمط. المسألة تأتي أحياناً بدقة متناهية فأحصر الآن الموضوع :
في مسألة إختلف فيها صحابيان وليس هناك مثل هذا التفاوت الذي ضربته
مثلاًبين حادثة بيتية لايمكن أن تقع خارج البيت فأهل البيت يتحدثون بحديث
خلاف صحابي يتحدث عن تلك المسألة وهو لم يعِش مع أهل البيت.
قلنا أولاً: إننا نرجح حينما لا يوجد عندنا مرجح من كتاب وسنة قول أهل
البيت على إعتبار المثل المعلوم -أهل البيت أدرى بما فيه- أو أهل مكة
أدرى بشعابها.
الآن تتشابه علينا الأمور ولا نجد مرجحاً من أي مرجحات وما أكثرها لكن
نجد رجلاً عالماً مسناً في العلم وبالنسبة للصحابه من السابقين الأولين،
ونجد آخر من أهل الفتح مثلاً الذين أسلموا مؤخراً تضارب قولهما وليس
عندنا مانرجح ماذا نفعل في هذه الحالة!!..
نأخذ بالقول السابق المتقدم هذا المرجح لايوجد لدينا سِواه والمرجحات
كثيرة وكثيرة جداً لكن هذا كمثال واضح قدمته آنفاً.
الآن ندخل في صلب الموضوع.. نبدأ بالمحدثين القدامى ثم نثني
بالـمُحَدِّثين الـمُحْدَثِين اليوم إذا البخاري صحح حديثا فضعفه مسلم
النفس تطمئن من تصحيح البخاري دون تضعيف مسلم، لاتنسوا ان البحث لايوجد
عندنا مرجحات نقول نأخذ بتصحيح البخاري وندع تضعيف مسلم وقد يكون المسألة
بالعكس، حديث ضعفه البخاري صححه مسلم وهذا يقع كثيراً الذي ليس عنده مرجح
لاشك أنه يطمئن للقول البخاري سواء أكان تصحيحاً أو تضعيفاً أو كان
توفيقاً أو كان تجريحاً فيقدم قوله على قول من دونه في العلم كمسلم مثلاً
على شهرته بعلمه.
فضلاً عما إذا خالف البخاري بعض المتأخرين كالدارقطني مثلاً أو إبن
حبان..او.. غيرهما..
هذا من المرجحات بلا شك، فالآن نأتي الى مثال عرف في الوقت الحاضر قيمته
وهو التخصص في العلم فنفوس الناس تجاوباً منهم مع فطرتهم يعلمون ويشعرون
أن العالم المتخصص في علم ما. يُرجع إليه وتطمئن النفس لعلمه أكثر من غير
المتخصص.
تعرفون اليوم مثلاً علم الطب أنواعه وأقسامه فيه مثلاً طب عام وفيه طب
خاص رجل يشكو وجعاً في فمه أو في عينه أو في أذنه لا يذهب الى الطبيب
العام وإنما إلى المختص وهذا مثال واضح جداً.
رجل يريد أن يعرف حكماً هل هو حرام أم حلال؟!. لايسأل اللغوي، ولا يسأل
الطبيب.. وإنما يسأل عالمـاً بالشرع وأنا أعني التعميم الآن يسأل عالماً
بالشرع !.. لكن العلماء بالشرع ينقسمون الى أقسام، لما مايسمى اليوم
بالفقه المقارن فيقول لك قال فلان كذا.. وقال فلان كذا.. وقال فلان
كذا..فيجعلك في حيرة،على كل حال سؤالك إياه أقرب من المنطق بنسبة لا حدود
لها من أن تسأل من كان عالماً أو متخصصاً باللغة العربية، لكن إذا كنت
تعلم أن هناك رجلاً آخر عالم بالشرع لكنه يفتي على الراجح من أقوال
العلماء بناءً على الدليل من الكتاب والسنة وأقوال أئمة السلف. لاشك أنك
تطمئن لهذا أكثر من الأول..وهكذا.
الآن ندخل في ما نحن بصدده الآن كما قلت إختلفت الأقوال وبعضهم يرد على
بعض. الشيء الذي ينبغي أن يلاحظة طالب العلم هو هذا التسلسل المنطقي وأنا
لا أريد نفسي وإن كان هذا طبعاً يتعلق بي تماماً،لكن هذا مثل للقاعده
العلمية التي ينبغي لطالب العلم أن ينطلق منها.
عندنا مثل الآن مشكلة تتعلق بالعقيدة، عندنا الشيخ عبدالعزيز ابن بازحفظه
الله وعندنا هذا الرجل الذي ابتلي الشعب الأردنـي فيه من زمان بجهله
وبقلة أدبه مع علماء السلف فضلاً عن الخلف!! يقول مثلاً عن الشيخ ابن باز
بأنه لا علم عنده بالتوحيد !! فأنا أتعجب من هؤلاء الشباب الذين إلتفوا
حوله !!.. متى عرف هذا الرجل بالعلم حتى يعتمد عليه !! والشيخ ابن باز
مثلاً ملأ علمه العالم الإسلامي،إذاً هنا أحد شيئين: إما الجهل أو إتباع
الهوى فهؤلاء الذي يلتفون حول هذا الرجل هذا الرجل إبن اليوم في العلم
ماأحد عرفه ولا أحد شَهِد له لا من العلماء المهتدين ولا من العلماء
الضالين ماأحد شهد له بأنه رجل عالم !. فلماذا يُلتف حوله هؤلاء الشباب
أحد شيئين: إما لأنهم لايعلمون هذا التدقيق الذي نحن نتسلسل فيه من
الصحابة الى اليوم، صحابيان إختلفا رجل من السابقين الاولين وآخر ممن
اتبعوهم بإحسان نأتي الآن الى صلب سؤالك (اختلفت الأقوال فبعضهم يرد على
بعض ]..أنا أقول إن إخواننا طلبة العلم مع الأسف الشديد !!ينطبق عليهم ما
ينطبق على هؤلاء المغشوشين بمثل..السقاف.. تركوا العلماء قديماً وحديثاً
والتفوا حوله، وهو ابن اليوم لاأقول في العلم!!وفي طلب العلم وربما لا
يصدق عليه ذلك.
فالآن أين هؤلاء العلماء الذين ذكرتهم في سؤالك أنهم يردون بعضهم على بعض
فهذا يصحح وهذا يضعف، هذا لا وجود له إلا نادراً جداً.. وهنا إذا وصلنا
الى رجلين متماثلين في السابقية في العلم في التصحيح والتضعيف متماثلين،
هنا مرجحات أخرى منها مثلاً لابد ان طالب العلم الذي وقع في حيص بيص!!
بين هذا يصحح وهذا يضعف أو العكس وهما من حيث المزية الأسبقية متساويان
وفي الصلاح متساويان لكن أنا آتيك بمثال بسيط جدا،أحدهم موظف والآخر غير
موظف الا تشعر معي أن الموظف مقيد وغير موظف مطلق، فإذاً هذا يكون مرجحاً
لهاذين الذين استويا في العلم وفي الصلاح، فما بالك إذا تبين لطالب العلم
أن أحدهما يتميز على الآخر لاأقول في العلم نفترض أنهما سواء لكن أحدهما
يتميز على الآخر بالصلاح قد يكون الواقع خلاف ذلك وأنا أقول بالنسبة
لطالب العلم حتى يدفع الحيرة عن نفسه، هناك أحمد هناك محمد فكلاهما في
السن سواء والعمل سواء والتخصص سواء..الخ..لكن أحمد دون محمد في الصلاح
النفس تطمئن لمحمد أكثر من أحمد وإن كان في الواقع في علم الله عزوجل قد
يكون القضية بالعكس لكن لايكلف الله نفساً إلا وسعها فإذاً هو يراعي الآن
إطمئنان النفس فيه أيهما أصلح ؟ أيهما أتقى لله أمحمد اتقى من أحمد ؟
إذاً أنا آخذ بقول هذا، ماأخذت هذا لأنك عرفت حجته لا.البحث كله أنك
ماتعرف هذا العلم فنأتي الى موضوع نهاية المطاف في هذا المجال لأنه أخذ
وقتاً كثيراً في الواقع.
فأقول فما بالك إذا عرفت أن أحدهما ليس متخصصاً في العلم هو عالم وهوفاضل
هو في التوحيد وفي الفقه وربما أيضاً في اللغة،لكن الآخر متخصص في علم
الحديث لاشك أنك ستأخذ به قوله قبل أن تأخذ بقول ذاك لأنه فيه عندك هنا
مرجح على ذاك السلم الذي وضعناه آنفاً من المرجحات.
على ضوء هذا البيان وهذا التفسير ينبغي لطالب العلم ألا يقع في حيص بيص!!
انه والله مثلاً نقول نحن الواقع والله الألباني صحح أحاديث وفلان اليِّ
إذا سألناكم منذ متى عرفتم علمه ؟ والله عرفنا علمه منذ
سنتين..ثلاث..أربعه..خمسة..عشرة..الخ.. طيب هل هو كذلك يعني بالنسبة
للألباني؟ يكفي هذا الترجيح.
فيه سؤال أيضاً العكس الآن: إذا اختلف عليكم الأمر بين البخاري وبين
الألباني ؟! أنا أقول لكم خذوا بقول البخاري ودعوا قول الألباني إذالم
يكن عندكم مرجح. أما إذا وُجِدَ عندكم مرجح أي مرجح كان من المرجحات
المعروفة مثلاً:لوقيل للألباني أنت خالفت البخاري في كذا؟ فقال لك نعم
لكن البخاري له قاعدة يضعف فيها الحديث إعتماداً على هذه القاعده لكن هذه
القاعدة هي عنده مرجوحه والراجح عند جمهور العلماء خلافها فأنا إعتمدت
هذه القاعده التي تبناها الجمهور من العلماء على القاعدة التي إتكأ عليها
البخاري ويضعف فيها بعض الأحاديث ومن ذلك مثلاً حديث نحتاجه في كل صلاة
وهو قوله} eإذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير،وليضع يديه قبل
ركبتيه{،كثيراً ماسؤلنا ياشيخ انت ماتقوي هذا الحديث والبخاري أعله
بالنفس الزكية أي أحد الرواة من أهل البيت ولا يعرف له لقاء بشيخه أظن
الأعرج فيما يغلب على ظني. لا يعرف له لقاء هذا منهج للبخاري [إذا كان
هناك راوي معروف معاصرته للشيخ الذي روى عنه لكن ليس معروف أنه سمع منه]،
البخاري يُعل هذه الرواية ولا يكتفي بالمعاصرة، أما جمهور العلماء وعلى
ذلك قام علم الحديث تصحيحاً وتضعيفاً جمهور العلماء يقولون [المعاصرة
كافية] أضرب لكم مثلاً أنا مثلاً عاصرت الشيخ محمد عبده لكن مالقيته فإذا
قلت أنا قال محمد عبده.. ينبغي أن يفهم الحاضرون أن روايتي هذه عنه
مباشرةً إلا إذا عرف عني أنني لم ألقه وكما هو الواقع حينئذٍ يقال هذه
الرواية منقطعة وعلى منهج علماء الحديث أنا ثقة ومحمد عبده ثقة لكن
الرواية منقطعة لأن الواسطه بيني وبينه مجهولة!! كذلك لوأني لقيته ودرست
مثلاً في الأزهر كما يفعل كثير من الأزهريين من قبل وسمعوا بعض الأحاديث
وبعض الكلمات من محمد عبده فأخذوا يحدثون بها فهل نحملها على الإتصال
مادام لقيه !إلا في حالة واحده إذا عرف أنه يروي عن محمد عبده أشياء لم
يسمعها منه يقال في إصطلاح المحدثين هذا مدلس! فلا نأخذ بحديثه إلا إذا
قال حدثني فلان.
الشاهد أن البخاري [لا يأخذ من رواية الراوي عن من عاصره إلا إذا عرف أنه
سمع منه في بعض الروايات] فيقول عن هذا أن المسمى (بالنفس الزكية) بأنه
لم يعرف عنه أنه لقيَ ذلك التابعي الذي روى الحديث عن الرسول يقول أنا
أتوقف عن أخذ هذا الحديث ويقول في مثله لا يتابع عليه. يأتي من لا أصول
عنده بالأصول والقواعد فيقول الإمام البخاري ضعف هذا الحديث ! نقول صدقت
والبخاري لما ضعف أقام تضعيفه على منهج له وهو[أن المعاصرة لا تكفي في
إثبات اللقاء إلا أن يكون هناك نص سمعته حدثني ونحو ذلك من عبارات].
الإمام مسلم وجمهور العلماء على أنه هذا المذهب فيه تضييق وفيه تضعيف
لأحاديث بالمئات بل بالألوف بل الإمام مسلم في مقدمة صحيحه يشير الى أن
الإمام البخاري نفسه لا يستطيع أن يطبق هذا المنهج في أحاديث صحيحه فضلاً
عن أحاديث رواها في خارج صحيحه.
سؤال : ماحكم الذين يموتون في عمليات جهاديه على الحدود مع اليهود؟
الجواب: أولاً إذا قصدوا الجهاد في سبيل الله عزوجل فهو بنياتهم للحديث
التي افتتح البخاري كتابه الصحيح به وأورده الإمام مسلم في صحيحه في كتاب
الجهاد لبيان أن الجهاد لايكون جهاداً في سبيل الله إلا إذا خلصت النية
لله تبارك وتعالى وقد كنا ذكرنا في جلسة سبقت أنه يشترط في العمل الصالح
الذي يرفعه الله عزوجل مقبولاً لديه شرطان اثنان أن يكون على وجه السنة
وأن يكون خالصاً لله عزوجل ولا شك أن الجهاد هو من الأعمال الصالحة التي
فرضها الله عزوجل تارة فرض عين وتارة فرض كفاية وان اعطى وربط بالجهاد
بقاء العز للأمة المسلمة وعلى العكس من ذلك إذا ما أهملوا الجهاد في سبيل
الله كما جاء في الحديث الصحيح (سلط الله عليهم ذُلاً لا ينزعه عنهم حتى
يرجعوا الى دينهم) فلا داعي لإثبات أن الجهاد عباده عظيمة جداً ولكن هذه
العباده لا تقبل عند الله عزوجل إلا إذا خلصت لله وليس لحزبية أو لدفاع
عن أرضٍ وأرض الله كلها له يملكها من يشاء من عباده ذلك الحديث الذي كلكم
يسمعه ولكن المهم العمل به قال صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات
وإنما لكل امرئً مانوى، فمن كانت هجرته الىلله ورسول فهجرته الى الله
ورسوله ومن كانت هجرته الى دنيا يصيبها او امراة ينكحها فهجرته الى
ماهاجر اليه) هذا الحديث صريحٌ جداً في أن الهجرة التي ذكرت في هذا
الحديث والمقصود بها هو الجهاد في سبيل الله عزوجل إنما يقبله ربنا تبارك
وتعالى إذا كان بنية خالصه لله لايريد من وراء ذلك شيئاً من حطام الدنيا
أو مما يتعلق بها قال صلى الله عليه وسلم (فمن كانت هجرته الى الله
ورسوله فهجرته الى الله ورسوله ومن كانت هجرته الى دنيا يصيبها أو إمرأة
ينكحها فهجرته الى ماهاجر اليه) ذكر المرأة والمال يصيبه الإنسان في
الجهاد لا يبتغي من وراء جهاده إلا ذاك فهو ونيته، قلت ذكرذلك عل سبيل
المثال وإلا فالنية تفسد بكثير من الأمور ليست إمرأة ينكحها أو دنيا
يصيبها فقد يكون يريد من جهاده ومن قتاله أن يقال انه مجاهد لا يريد
مالاً ! ولا يريد إمرأة يصيبها في السبي وإنما يريد أن يقال فلان مجاهد
فهذا هو ونيته أي ليس له جهاد فالجهاد إذاً إذا خلصت النية من المجاهد
لله لاشك أنه يثابه على ذلك بما يستحقه،ولكن هذا الجهاد الذي جاء السؤال
عنه ليس هو الجهاد الذي أمر الله به !!.. أنا أقول هو نيته لأنه قصد
الجهاد،لكن الجهاد يجب أن يُعد له عُدته كما قال تعالى في الآية (وأعدوا
لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) هذا
الجهاد حين يعلن فتتخذ له العدة هو الذي لايجوز التخلف عنه.أما الجهاد
بمعنى ثورة أفراد يثورون ولو إنتقاماً لدينهم أو لأرضهم فذلك ليس جهاداً
قد يكون الدفاع عن الأرض واجباً أما هذه الهجمات التي في أكثر الأحيان
تكون الخسارة أكثر من الربح كما هو مشاهد في كثير من أمثال هذه الهجمات
فليس هذا هو الجهاد الذي يجب على المسلمين كافة أن ينفروا كما جاء في
القرآن إنما هو الجهاد الذي أشار الله في آية أخرى (ولو أرادوا الخروج
لأعدوا له عدته) ولذلك فعلى المسلمين كما شرحنا هذا في أكثر من مناسبة أن
يعودوا الى أنفسهم وأن يفهموا شريعة ربهم فهماً صحيحاً وأن يعملوا فيما
فهموا من شرع الله عزوجل ودينه عملاً صادقاً خالصاً حتى يتكفلوا ويتجمعوا
على كلمة سواء حينئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله تبارك وتعالى هذا جواب هذا
السؤال.
سؤال: ماحكم قتل السياح الأجانب في الدول الإسلامية؟
جواب: هذا أيضاً يلحق بذاك. قتل السياح الكفار وقد يكونوا من أعداء
الإسلام مع الأسف لايجوز قتلهم لسببين اثنين:
1- أنهم يدخلون كمعاهدين. وهنا لا بد لي من وقفة.
الكفار في نظام الإسلام ثلاثة أقسام :
- ذميون وهم أهل الذمة.
- ومعاهدون.
- ومحاربون.
أما أهل الذمة فهم الذين يختارون الحياة والعيش في الدولة الإسلامية تحت
حكمها ونظامها بشرط كما قال تعالى (أن يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون)
ولذلك كان صلى الله عليه وسلم إذا جهز جيشاً وأمر عليهم أميراً أوصاه
بوصايا منها إذا لقيت المشركين فادعهم الى إحدى ثلاث الى شهادة الا اله
الا الله وان محمد رسول الله فإن أبوا فادعهم أن يدفعوا الجزية عن يدٍ
وهم صاغرون فإن أبوا فالجهاد أو القتال فإذا خضع الكفار لدفع الجزية
المذكورة في الحديث والآية حينئذٍ يصبحون في التعبير العصري مواطنين لكن
المواطنين اليوم غير أهل الذمة فيما مضى من الأيام لأن المواطن اليوم
لافرق بين المسلم والكافر لا فرق بين المسلم واليهودي والنصراني مع إن
الإسلام يفرق بين هذا وهذا فهؤلاء الكفار الذين يختارون أن يعيشوا تحت
حكم الإسلام ونظام الإسلام مقابل جزية يدفعونها هم أهل الذمة وهؤلاء
دماءهم وأعراضهم مصونة محترمة لايجوز الإعتداء عليها كما لايجوز الإعتداء
على حرمة مسلم، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم (من قتل مُعَاهَدً في كنهه
لم يرح رائحة الجنة). المعاهد سيأتي بيان الفرق بينه وبين الذمي قريباً
إن شاء الله فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في من قتل المعاهد
الكافر أي بغيرحقٍ لم يَرَحْ رائحة الجنة وفي بعض الأحاديث الصحيحة وإن
ريحها لتوجد من مسيرة مئة عام.
هذا الذي يقتل كافراً معاهداً بغير حقٍ لا يدخل الجنة ولا يجد ريحها وإن
ريحها لتوجد من مسيرة مئة عام، هؤلاء هم أهل الذمة هم الذين يعيشون تحت
راية الدولة المسلمة.
القسم الثاني: هم الـمُعَاهَدون: أي هم الكفار الذين يعيشون في بلادهم
ليس في بلاد الإسلام لكن يدخلون بلاد الإسلام باتفاق مع الدولة المسلمة
وبشروط ومعاهدات فهؤلاء لا يجوز الإعتداء عليهم للحديث السابق لأنهم هم
الذين يُسمون بالمعاهدون.
القسم الثالث: هم المحاربون: أي الذين يحاربهم المسلمون فهم أعداء الدين
فإنهم لا يؤمنون بالإسلام وأعداء المسلمين فإنهم لا يستجيبون لدعوتهم ولا
يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون بل هم مهيؤن أنفسهم لمقاتلة المسلمين
هؤلاء هم المحاربون، هؤلاء يجوز قتلهم أينما ثقفوا أينما وجدوا وأوضح
مثال في هذا هم اليهود الذين احتلوا فلسطين ولكن إذا دخل كافر كما جاء في
السؤال من هؤلاء السائحين أو الزائرين هؤلاء مادخلوا بلدنا الإسلامي إلا
بإذنٍ من الحاكم المسلم ولذلك لا يجوز الإعتداء عليه لأنه معاهد ثم لو
وقع وقد وقع هذا أكثر من مرة أن اعتدى مسلم على واحد من هؤلاء سيكون
عاقبة ذلك أن يقتل هو وربما أكثر منه أو أن يسجن فلا يحصل من وراء
الإعتداء على دم مثل هذا السائح وفي البلد المسلم لا يحصل من وراء ذلك
فائدة إسلامية بل هو مخالف للحديث السابق ذكره (من قتل معاهداً في
كُنْهِهِ لـم يرح رائحة الجنة). هذا الذي أردت أن أذكركم به.
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب اليك.