للشيخ محمد ناصر الدين الألباني
		  
		  قرأت في المقال الثالث من مقالات " الأعاصير في وجه السنة حديثاً " 
		  للأستاذ الفاضل الشيخ مصطفى السباعي ، المنشور في العدد الخامس ، من مجلة 
		  " المسلمون " من سنة 1374 هـ ما نصه :
		  " وها هي أسانيد الأحاديث محفوظة في كتب السنة ، ولا نجد من بين آلاف 
		  الأحاديث واحداً في سنده عبد الملك أو معاوية أو يزيد أو أحد عمالهم 
		  كالحجاج وخالد بن عبد الله القسري وأمثالهما ، فأين ضاع ذلك في زوايا 
		  التاريخ لو كان له وجود ؟ ".
		  
		  أقول : ذكر الأستاذ هذا الكلام في صدد رده ما ادعاه بعض المستشرقين من 
		  افتراء ولاة بني أمية الأحاديث على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، ولا 
		  شك أن هذا الادعاء باطل عند المتجردين عن الأغراض والأهواء ، ولكن في هذا 
		  الكلام بعض الأوهام العلمية ، أهمها ما أفاده من أن معاوية ليس له في كتب 
		  السنة ولا حديث واحد ، ولما كان الواقع خلاف ذلك رأيت من الواجب بيان 
		  الحقيقة ، فأقول :
		  إن معاوية بن أبي سفيان له أحاديث كثيرة جداً في الكتب الستة والمسانيد 
		  والمعاجم وغيرها من كتب السنة ، ومجموع ما له من الأحاديث ماثة وثلاثون 
		  حديثاً ، فيما ذكره الخزرجي في " خلاصة تذهيب الكمال " وفي جزء مخطوطه في 
		  المكتبة الظاهرية (1) بدمشق أن الحافظ بقي بن مخلد روى له في مسنده مائة 
		  حديث وثلاثة وستين حديثاً ، وله منها في مسند الإمام أحمد (4 / 91-102) 
		  نحو مائة حديث ، وفي الكتب الستة نحو الثلاثين ، اتفق البخاري ومسلم في 
		  صحيحيهما على أربعة منها ، وانفرد البخاري بأربعة ومسلم بخمسة .
		  
		  وقد يكون من تمام الفائدة أن أسوق بعض أحاديثه الثابتة عنه :
		  
		  1 – " من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين " متفق عليه .
		  2- " إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه ما 
		  أقاموا الدين " رواه البخاري .
		  3- " لا توصل صلاة بصلاة حتى تخرج أو تتكلم " رواه مسلم وأحمد.
		  4- " من أحب أن يمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار " رواه أبو 
		  داود والترمذي بسند صحيح .
		  5_ قال معاوية : " رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمص لسانه أو قال 
		  شفته ( يعني الحسن بن علي ) عليهما السلام ، وإنه لن يعذب لسان أو شفتان 
		  مصهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- " رواه أحمد بإسناد صحيح .
		  
		  وبهذه المناسبة أقول :
		  إن للعلامة أبي عبد الله الوزير اليماني في كتابه الجليل " الروض الباسم 
		  في الذب عن سنة أبي القاسم " بحثاً قيماً جداً بين فيه صدق معاوية رضي 
		  الله عنه في الرواية ، وقد تتبع فيه ماله من الأحاديث في الكتب الستة 
		  فساقها حديثاً حديثاً مع بيان شواهدها من رواية الصحابة الآخرين الذين لا 
		  طعن فيهم عند الطاعنين في معاوية من الفرق المخالفة !
		  
		  فعسى أن الأستاذ السباعي يرجع إلى هذا الكتاب فيستفيد منه علوماً يغذي 
		  بها مقالاته القيمة " الأعاصير في وجه السنة حديثاً " بصورة عامة ، 
		  ومقاله هذا -الذي كتبت حوله هذه الكلمة- بصورة خاصة. 
		  وختاماً أقدم إلى الأستاذ الفاضل شكري على مقالاته التي يخدم بها السنة ، 
		  مشفوعاً بتحيتي الإسلامية .
		  
		  المصدر: مجلة المسلمون (5 / 290 – 292).
		  
		  
		  (1) مجموع (31 – 239).