قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني
في سلسلة الأحاديث الصحيحة - الأحاديث رقم (136 - 139):
136- ( قولوا: ماشاء الله ثم شئت ، وقولوا: ورب الكعبة ) .
أخرجه الطحاوي , والحاكم , والبيهقي , وأحمد , من طريق المسعودي عن سعيد
بن خالد عن عبدالله بن يسار عن قتيلة بنت صيفي امرأة من جهينة قالت : (
إن حبراً جاء إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال : إنكم
تشركون , تقولون : ما شاء الله وشئت , وتقولون : والكعبة , فقال رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فذكره ) .
ولعبدالله بن يسار حديث آخر نحو هذا , وهو :
137- ( لَا تَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلَانٌ وَلَكِنْ
قُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ ) .
138- ( إِنَّ طُفَيْلًا رَأَى رُؤْيَا فَأَخْبَرَ بِهَا مَنْ أَخْبَرَ
مِنْكُمْ وَإِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَقُولُونَ كَلِمَةً كَانَ يَمْنُعُنِي
الْحَيَاءُ مِنْكُمْ أَنْ أَنْهَاكُمْ عَنْهَا قَالَ لَا تَقُولُوا مَا
شَاءَ اللَّهُ وَمَا شَاءَ مُحَمَّدٌ ) .
وللحديث شاهد آخر من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فُرَاجِعُهُ في بعض
الْكَلَامَ فَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ فَقَالَ رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
139- ( أجعلتني مع الله عدلاً [ وفي لفظ: نداً ] ؟ ! لا ، بل ما شاء الله
وحده ) .
وفي هذه الأحاديث أن قول الرجل لغيره ( ما شاء الله وشئت ) : يعد شركاً
في الشريعة , وهو من شرك الألفاظ , لأنه يوهم أن مشيئة العبد في درجة
مشيئة الرب سبحانه وتعالى , وسببه القرن بين المشيئتين , ومثل ذلك قول
بعض العامة وأشباههم ممن يدعي العلم ( مالي غير الله وأنت ) و( وتوكلنا
على الله وعليك ) , ومثله قول بعض المحاضرين : ( باسم الله والوطن ) , أو
( باسم الله والشعب ) , ونحو ذلك من الألفاظ الشركية التي يجب الانتهاء
عنها والتوبة منها , أدباً مع الله تبارك وتعالى .
ولقد غفل عن هذا الأدب الكريم كثير من العامة , وغير قليل من الخاصة
الذين يسوغون النطق بمثل هذه الشركيات , كمناداتهم غير الله في الشدائد ,
والاستنجاد بالأموات من الصالحين , والحلف بهم من دون الله تعالى ,
والإقسام بهم على الله عز وجل , فإذا ما أنكر ذلك عليهم عالم بالكتاب
والسنة , فإنهم بدل أن يكونوا عوناً على إنكار المنكر , عادوا بالإنكار
عليه , وقالوا : إن نية أولئك المنادين غير الله طيبة , وإنها الأعمال
بالنيات كما جاء في الحديث .
فيجهلون أويتجاهلون – إرضاء للعامة – أن النية الطيبة وإن وجدت عند
المذكورين , فهي لا تجعل العمل السيئ صالحاً , وأن معنى الحديث المذكور
إنما الأعمال الصالحة بالنيات الخالصة , لا أن الأعمال المخالفة للشريعة
تنقلب إلى أعمال صالحة مشروعة بسبب اقتران النية الصالحة بها , ذلك ما لا
يقوله إلا جاهل أو مغرض , ألا ترى أن رجلاً لو صلى تجاه القبر , لكان ذلك
منكراً من العمل , لمخالفته للأحاديث والآثار الواردة في النهي عن
استقبال القبر بالصلاة , فهل يقول عاقل : إن الذي يعود إلى الاستقبال –
بعد علمه بنهي الشرع عنه – إن نيته طيبة وعمله مشروع ؟ كلا ثم كلا ,
فكذلك هؤلاء الذي يستغيثون بغير الله تعالى , وينسونه تعالى في حالة هم
أحوج ما يكونون فيها إلى عونه ومدده , لا يعقل أن تكون نياتهم طيبة ,
فضلاً عن أن يكون عملهم صالحاً , وهم يصرون على هذا المنكر وهم يعلمون.