جاء في كتاب "نظم الفرائد مما في
سلسلتي الألباني من فوائد " لعبد اللطيف بن محمد بن أبي ربيع ـ جزاه الله
خيراً ـ ( 1 / 20 ) ما يلي :
( باب / لا يقال : ما شاء الله و شئت ؟
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: " لا تقولوا : ما شاء الله و شاء فلان ، و لكن قولوا : ما شاء الله ثم
ما شاء فلان " .
صحيح ، الصحيحة برقم ( 137 ) .
فقه الحديث :
قلت – أي الشيخ الألباني - : و في هذا الحديث وغيره ، أن قول الرجل لغيره
: ( ما شاء الله و شئت ) يعد شركاً في الشريعة ، و هو من شرك الألفاظ ؛
لأنه يوهم أن مشيئة العبد في درجة مشيئة الرب سبحانه وتعالى ، و سببه
القرن بين المشيئتين ، و مثل ذلك قول بعض العامة وأشباههم ممن يدعي العلم
: ( ما لي غير الله و أنت ) و ( توكلت على و عليك ) و مثله قول بعض
المحاضرين : ( باسم الله والوطن ، أو ( باسم الله والشعب ) و نحو ذلك من
الألفاظ الشركية التي يجب الانتهاء عنها والتوبة منها ؛ أدباً مع الله
تبارك وتعالى .
و لقد غفل من هذا الأدب الكريم كثير من العامة ، و غير قليل من الخاصة
الذين يسوّغون النطق بمثل هذه الشركيات ؛ كمناداتهم غير الله في الشدائد
والاستنجاد بالأموات من الصالحين ، والحلف بهم من دون الله تعالى ،
والإقسام بهم على الله عز وجل ، فإذا ما أنكر ذلك عليهم عالم بالكتاب
والسنة ، فإنهم بدل أن يكونوا معه عوناً على إنكار المنكر ؛ عادوا
بالإنكار عليه ، وقالوا : إن نية أولئك المنادين غير الله طيبة ! وإنما
الأعمال بالنيات كما جاء في الحديث !
فيجهلون أو يتجاهلون – إرضاء العامة - أن النية الطيبة – وإن وجدت عند
المذكورين - ، فهي لا تجعل العمل السيئ صالحاً وأن معنى الحديث المذكور
إنما الأعمال الصالحة بالنيات الخالصة ، لا أن الأعمال المخالفة للشريعة
تنقلب إلى أعمال صالحة مشروعة بسبب اقتران النية الصالحة بها ، ذلك ما لا
يقوله إلا جاهل أو مغرض ! ألا ترى أن رجلاً لو صلى تجاه القبر ، لكان ذلك
منكراً من العمل ؛ لمخالفته للأحاديث والآثار الواردة في النهي عن
استقبال القبر بالصلاة ، فهل يقول عاقل : إن الذي يعود إلى الاستقبال –
بعد علمه بنهي الشرع عنه – أن نيته طيبة و عمله مشروع ؟ كلا ثم كلا ؛
فكذلك هؤلاء الذين يستغيثون بغير الله تعالى ، و ينسونه تعالى في حالة هم
أحوج ما يكونون فيها إلى عونه ومدده ، لا يعقل أن تكون نياتهم طيبة فضلاً
عن أن يكون عملهم صالحاً ، و هم يصرون على هذا المنكر وهم يعلمون ) .