تفريغ: مقتطفات من اللقاء المفتوح
مع أبي ليلى الأثري عن العلامة الألباني رحمه الله
تفريغ: أبي معاوية مازن بن عبد الرحمن البحصلي البيروتي
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه
أجمعين.
أما بعد، فهذا تفريغ لبعض المقتطفات من اللقاء الذي عُقِد مع أبي ليلى
الأثري في دار القرآن والسنة في تركيا، وقد أختصر المقتطفات بعض الشيء.
قال أبو ليلى محمد أحمد مسعود محمود ( المولود عام 1374 هـ / 1955 م في
قوصين، إحدى قرى نابلس بفلسطين ) :
- كانت عبادة الشيخ الألباني بين الناس وبين ربّه واحدة.
- كان يقول: ما بقي بالكرم إلا الحطب.
ذكر أبو ليلى أن الشيخ الألباني يريد الاستعجال بمشاريعه قبل أن يدركه
الموت وهو غير منتهٍ من بعضها.
- كان معظم وقته في طلب العلم، لم يكن عنده وقت للدنيا، إن لم يكن مع
الناس كان مع الكتاب، إذا لم يكن مع الكتاب يكون مع أسئلة على الهاتف،
يعطي للعالم الإسلامي من وقته ساعتين يجيب فيها على الأسئلة عن طريق
الهاتف.
- دَرَس الشيخ للصف السادس فقط.
- ذكر لنا الشيخ الألباني – ثلاث مرات - أنه قرأ في المكتبة الظاهرية
عشرة آلاف كتاب، ما بين كتيب إلى كتاب من مئة مجلد!
- تعرفتُ إلى الشيخ الألباني في بداية 1988 م ، وانتهت تقريباً في نهاية
التسعينات، توفي الشيخ في الشهر العاشر عام 1999 م، يعني 18 عاماً كنتُ
مع الشيخ. عمر الشيخ بالنسبة للهجري كان 89 عاماً عندما توفي، يعني كان
عمره سبعين سنة بالهجري عندما تعرفت عليه ( و68 سنة بالميلادي )، الشيخ
كانت صحته طيبة جدًّا، كان يشكو من الركب ومش دائماً، ولا يشكو إلا من
بعض التحسّس من آثار الكتب التي حوله بالمكتبة، وكثرة الغبار.
- كان رقيق القلب، دخلتُ عليه مرة المكتبة وهو جالس يبكي بصمت من سماع
قراءة قارئ مصري للقرآن.
- اتصل مرة المفكر الإسلامي عبد الحليم أبو شقة – مؤلف كتاب أربع مجلدات
عن تحرير المرأة - هاتفيًّا بالشيخ الألباني – والكلام مسجّل -، وبعد
السلام قال عبد الحليم للشيخ : كيف حالك يا شيخ؟
فأجابه الشيخ الألباني: الحمد لله، كيفك أنت؟ إن شاء الله بخير؟
فقال عبد الحليم: يا شيخ، أتعرف مَن يتكلّم معك؟
قال الشيخ الألباني: طبعاً، عبد الحليم.
فقال عبد الحليم: يا شيخ! صار لي عشر سنوات ما كلمتك!
فقال الشيخ الألباني: عبد الحليم أبو شقّة أنت.
فطلب من الشيخ رأيه في كتابه الأربع مجلدات في تحرير المرأة، فقال له
الشيخ الألباني: ما ينفع أن تأخذ رأيي على التليفون، تعال.
جاء عبد الحليم على موعد، وجلبه الشيخ من المطار – وكان عبد الحليم
حاجزاً في فندق – وأضافه ببيته، وراجع الشيخ كتابه الأربع مجلدات وعَلَّم
بالقلم الأصفر ملاحظاته عليها ليناقشها مع الأستاذ عبد الحليم رحمهما
الله، ... ( قال أبو معاوية البيروتي: حذفت بعض التفاصيل)، فحضرتُ الجلسة
والشيخ الألباني يقول لعبد الحليم: المجلد الثالث، الصفحة 170، السطر
العاشر، ماذا تقصد في هذا؟
ذاك المسكين كلّه ينفض عرقاً، وهو أقرع، ورأسه كأنه بركة ماء، ويتلبّك
(يرتبك بالإجابة)! وهكذا مضت الجلسة!
- كان الشيخ الألباني يأتي أحياناً للعمرة أو الحج بالنعل القديم، حتى
إذا راح لم يتأسف عليه.
- قال أحد إخواننا المصريين: والله لو جاء الألباني على مصر، لتُحْمَل
الطائرة التي تنزله في أرض المطار!
- أنا كتبتُ عن الشيخ هذه القصص كلها، وإن شاء الله (أُخرجها)، المشكلة
الوقت وانشغالي بتجارتي وعندي موقع على الانترنت ( دعوتنا أولاً ) وفيه
الأشرطة الجديدة والقديمة، عندي تجارة، وعندي سبعة ذكور وأربع إناث،
ويجلس على سفرتي أكثر من أربعين شخصاً من أولادي وأولادهم، وعندي فوق الـ
25 حفيد، والحمد لله، وأنا أسعى برزق هؤلاء الأولاد، لكن همّي الأول
وشغلي الأول هو الأشرطة ...
- عندي الآن تقريباً 850 شريط في الساحة، أخرجتُ في حياة الشيخ الألباني
701 شريط من أصل 901 شريط.
- مرة زار الشيخَ الألباني في المستشفى الشيخُ سعيد حوى – وكان بصره قد
عمي – ومعه اثنان من أبنائه، واحد يدرس علم الحديث والآخر يدرس الفقه،
فسلّم على الشيخ الألباني بكل صدر رحب، وقال للشيخ الألباني أريد أن
أعرّفك على أبنائي؛ هذا في علم الحديث والآخر في الفقه، فقال له الشيخ
الألباني: لا، الأصل أن يكون الحديث والفقه مع بعضهما البعض.
- كنا يوماً في الزرقاء في منطقة اسمها الجَنَّاعة (؟)، وفيها مسجد اسمه
خالد بن الوليد، وإمامة المسجد من الإخوان المسلمين، فبعد أن انتهى الشيخ
الألباني من سُنّة المغرب وقام، جاء رجل ووقف أمام الشيخ، وأنا بجانبه،
فقال له: الشيخ ناصر؟! فقال له: تفضل. قال الرجل: عندك تلميذان يكفّران
حسن البنا وسيّد قطب، قال الشيخ: مين؟ قال الرجل: الشيخ علي والشيخ وفيق،
قال الشيخ: دليلك؟ قال الرجل: شريط، قال الشيخ: أنت والشريط في جلسة،
والسلام عليكم. ومشى الشيخ. طبعاً الرجل لم يأتِ بالشريط ولا رجع للشيخ.
- الشيخ كان حافظاً للقرآن كاملاً.
- رقم الشريط 501 يحتوي على قراءة الشيخ في بعض صلواته.
- كثير من الشباب يظن أن الشيخ الألباني ترك سورية لأجل الفتنة التي
كانت، لا، الشيخ خرج قبل أن تقع الفتنة، وهاجر للأردن في نهاية عام 1979
م.
- الشيخ تزوّج زوجته الأولى وأنجبت له ثلاثة أبناء؛ الأول عبد الرحمن وهو
الآن في دمشق، والثاني عبد اللطيف، والثالث عبد الرزاق، وتوفيت زوجته
صغيرة، وكان يحبّها حبًّا شديداً، وحتى شعيب الأرناؤوط عند دفنها – نزل
الشيخ الألباني ودفنها – فأقام الدنيا ولم يقعدها في تلك الأيام لأنه عند
مذهب الأحناف لا يصح إذا ماتت الزوجة أن تلمسها لأنه انفصل عنها. (قال
أبو معاوية البيروتي: سمعتُ القصة قديماً، وشكك فيها البعض، والآن
يؤكّدها أبو ليلى جزاه الله خيراً ).
الزوجة الثانية ألبانية، أنجبت له عبد المصور، توفي قبل أشهر، رحمه الله
وغفر له، والثاني محمد الذي كان الشيخ دايته (أي قابلته أثناء ولادته)
كان في المدينة المنورة ووَلَّد زوجته في (البانيو) في الحمام، والثالث
عبد المهيمن، والرابع عبد الأعلى، وأنجب معها خمسة بنات، وهنّ أم عبد
الله – أُنيسة – وسلّامة وحسّانة، ولا أذكر الباقي.
تزوّج الثالثة قادرية، سورية، أنجبت له بنت وسمّاها هبة الله، والشيخ
طلّق الزوجتين الوسط لأنهما لم تهاجرا معه للأردن.
فتزوّج الرابعة من الخليل من فلسطين، أم الفضل، من بيت عابدين، ووجد في
هذه المرأة أمور ما وجدها أبداً .. كما يقول دائماً: أراحتني. كانت امرأة
عقيمة، كانت (سابقاً) متزوجة من ابن عمها، فتزوجها الشيخ وهي مطلَّقة،
وكانت في بداية الأربعينيات، وكان الشيخ يعني في السابعة والستين.
محمد وعبد المصور درسا علم الحديث في الجامعة الإسلامية، أما عبد الرزاق
فشوفير تريلّات (سائق شاحنات كبيرة)، عبد اللطيف الساعاتي، مكث في مكان
أبيه مدة طويلة – هو وأبناؤه - وتعلم مهنة الساعات.
أكثر أولاده يسكنون في السعودية، ويأتون لزيارته في البيت، وأولاده في
الشام يأتون لعنده، وكان يكرمهم، وكانت زوجته (أم الفضل) همزة وصل بينهم.
- في حج عام 1990 م – حجّينا مع الشيخ حجة واحدة وهي آخر حجة له -، كنت
أنا والشيخ علي (الحلبي) بسيارة ومعنا أخ اسمه خالد حجازي، والشيخ
الألباني وزوجته أم الفضل، وأخونا أبو عبد الله عزّت خضر مع زوجتين له،
في سيارة الشيخ.
- وقف الشيخ بسيارته مع أم الفضل عند عريشة بطيخ، وبالعادة تنزل أم
الفضل، عندها خبرة – الظاهر – في البطيخ، وإذا البائع مصري، فبعد أن
وُزِنَت البطيخة حملها المصري إلى السيارة، وهو في طريق توصيلها سأل أم
الفضل: يا حاجة، ما بتعرفيش بيت الألباني فين؟ قالت: تريده؟ قال: نعم،
قالت: ها هو في السيارة.
فحمل المصري البطيخة وألقاها أرضاً فتكسّرت البطيخة، وهجم على الشيخ في
السيارة يقبّله، وقال: والله يا شيخ حابب من زمان أشوفك، لكن أريد منك أي
شيء هدية، قال الشيخ: ليس عندي شيء الآن، في الأخير أخذ قلنسوة الشيخ
وعاد الشيخ إلى بيته بلا قلنسوة!
- إحدى النساء ربحت مبلغاً من المال في إحدى المناسبات، فسألت الشيخ
الألباني عن حل أو حرمة المبلغ، فقال لها: اتركيه لله وتعالي وأنا أعطيكِ
أفضل منه.
- كان الشيخ يعطي كثيراً من مال الزكاة – لأوزعه على الإخوة وعلى الناس -
ويقول لي: لا تقُلْ هذا منّي بل قُلْ من أحدهم. لا يرضى أن يُقال: هذا من
الشيخ الألباني.
- كانت أم الفضل دائماً معه أينما يذهب، يدلّلها كثيراً.
- شَرَح لنا الشيخ الألباني الخمار: الخِمار يُلبَس قبل الجلباب، هو
عبارة عن قطعة قماش تكون مثلاً تُسَكّر الصدر (أشار أبو ليلى أنها تُغَطي
الصدر)، مثل الذي يلبسه النساء عند الصلاة في البيوت، قبل الجلباب، بعد
أن تلبسه (الخمار) تلبس الجلباب عليه، أصبح تحت الجيب، ... الشيخ عنده
الخمار هو الذي تحت الجلباب، الشيخ يعتبر الذقن ليس من الوجه، والشيخ
يعتبر طبعاً أن الأفضل والأكمل والأولى أن تغطي الوجه ...
- الشيخ في سوريا كان يركب دراجة، ويلبس السروال الفضفاض مثل السوريين،
والصورة المنتشرة بين الكتب هي صورة أخيه الـمُجَلِّد، وهو محترف
التجليد، وأظن اسمه أبو جعفر. (قال أبو معاوية البيروتي: ذكرتُ سابقاً
أنني التقيتُ منذ أشهر بابن أخ الشيخ الألباني الشيخ جعفر بن محمد منصور
بن نوح آل آدم الألباني، وحدّثني أن الصورة التي انتشرت عن شخص يشبه
الشيخ الألباني يجلس في دكان وحوله الكتب هي في الحقيقة صورة لوالده
منصور، وكان عنده دكان تجليد كتب قرب المسجد الأموي ).
- أنا عرفت من إخوانه اثنين؛ أبو جعفر وأبو فؤاد.
- طلاب الشيخ كُثُر، منهم كان مهتمًّا في مجالس الشيخ ومتابعاً له، أول
هؤلاء الإخوة الشيخ علي الحلبي، الشيخ علي الحلبي كان صديقي وقريب مني،
كنت أتصل على الشيخ علي أقول له: عندنا مجلس، أو عفواً، أقول له: اخرج ..
فلا يقول لي: وين رايحين! لثقته أننا رايحين لعند الشيخ، حتى أصبح الشيخ
الألباني أحياناً – إذا لم يكن معي (الشيخ علي) – يقول: أين هو؟! ومن
إخواننا الحريصين على مجالس الشيخ الشيخ حسين العوايشة، حتى كان الشيخ
ناصر الله يرحمه يذهب لبيت الشيخ حسين ويأخذه بسيارته ثم يعيده لبيته،
لأنه كان بينهم مسافة، ... أبو عبد الله عزّت خضر، عصام هادي ما شاء الله
من تلاميذ الشيخ الجيدين، وأخونا رائد ابن أبي علفة كذلك، كُثر ما شاء
الله طلاب الشيخ، مشهور حسن كذلك، الشيخ محمد شقرة، كل هؤلاء كانوا
يحافظون على مجالس الشيخ، والدليل على ذلك في الأشرطة، الذين يحفظون
الأصوات يعرفون فلان وفلان.
- أرى أن أكثر تلاميذه حبًّا له وعلماً الشيخ علي، حتى لقّبه الشيخ
الألباني مرات بـ((الحافظ))، أكثر مجالسه يكون الشيخ يريد بعض
الاستدلالات ويقول: إيش في عندك يا شيخ علي؟ حقيقة.
- أكثر الناس بالأردن ممن كانوا يتابعون مجالس الشيخ كانوا من المصريين،
تجدهم عمال باطون، عمال، نجّارون، ... حتى أحياناً تظن حالك في مصر!
- ( على واحد ) هذه العبارة التي أكررها بالأشرطة، كنت مرتب أن أخرج
الألف الأولى على واحد، والألف الثانية على اثنين، لكن لما كثر السؤال عن
(الواحد) تركتها كلها (على واحد).
- لم أسجِّل لأحد من دون أن يعلم، ... الأصل عندي التسجيل، لكن إذا قلت
لي (بالمجلس) أن لا أسجّل فقُلْ لي أتوقف ولا أسجّل.
- الشيخ محمد عبد الوهاب البنّا جاء لعندنا بعمّان، فطرح على الشيخ سؤال،
بعد عشر دقائق أو كذا قال لي: أبو ليلى سجّل سجّل، فقال له الشيخ
الألباني: لا توصي حريص، دا نَفَسي يَلّي بِيَطْلَع مِنّي بِسَجْلو! مو
كلامي.
- أحد الإخوة – أمريكي أسلم – دعا الشيخ إلى بيته، فجاء الساقي ومعه
الشاي يريد أن يسقي الشيخ الألباني أول واحد، مع أنّ مَن كان على اليمين
كان السقّاف، فقال الشيخ الألباني: ارجعْ فابدَأ بيمينك وإنْ كان
مبتدعاً!
- قال أبو معاوية البيروتي: وفي ختام اللقاء (آخر ربع ساعة) تحدّث أبو
ليلى الأثري حفظه الله عن لقائه الأول بالشيخ الألباني رحمه الله ...
وإنْ يسّر ربي أفرّغها لاحقاً.
المصدر: موقع أشراف الحجاز (بتصرف)
http://www.al-amir.info
والله ولي التوفيق.
موقع أرشيف الألباني
http://http://www.alalbani.info