نقاط يسيرة من سيرة عطرة للشيخ الألباني
نقاط يسيرة من سيرة عطرة للشيخ الألباني مع الحديث النبوي الشريف، بقلم: زهيرالشاويش

أكثر من ستين سنة أمضاها بجد واجتهاد شيخنا محمد ناصر الدين الألباني ، مع السنة المطهرة وحديث رسول اهل -صلى الله عليه وسلم- باحثاً في المتون ، ومخرجاً الفروع على الأصول ، ومحدداً الرواة الصادقين ، ومفرقاً بين الساهين والمدلسين ، ومقارناً الروايات المتعددة وجامعاً ما تفرق منها حتى غدت تحقيقاته المرجع الأول في عصرنا لكل مطلع وباحث ودارس .

بدأ من مجلة المنار للشيخ محمد رشيد رضا -رحمه اهلن- عندما اطلع فيها على أن الأحاديث حتى تقبل ويعمل بها وتصلح للوعظ والإرشاد ، يجب أن تكون نسبتها صحيحة واصلة للنبي -صلى الله عليه وسلم- بالسند المتصل . . . بعيدة عن العلل والشذوذ .

ومنذ ذلك اليوم حتى ساعة وفاته لم يقف ساعة عن العمل الذي اختص به من تصحيح وتصنيف كل حديث يمر به ، وما أجله أو توقف عنده ، كان يعود إليه مرات ومرات ، وكان من نتيجة ذلك هذا الكم الهائل من صحاح الأحاديث ، وضعافها ، وتنقية السنة من كل دخيل ، أو مكذوب .

والحق يقال : إن الشيخ ناصر الدين كان أبرز علماء الدعوة إلى السلفية في كل معانيها ببلاد الشام ، وبعد أن انتشرت كتبه بالطباعة ، وتلاميذه في الأوساط العلمية ، أصبح المرجع الأول لكثير من المسلمين ، وكل طلاب العلم والمتعبدين . . . وبجهده وإخوانه وعدد من أهل العلم انتشرت السلفية في أوساط أكثر وأوسع حتى غدت سمة العصر ، ودخلها وعمل معها العدد الكبير من دعاة الإسلام ، حتى لم نعد نسمع خطبة جمعة إلا ويحاول الخطيب إحالة الأحاديث فيها إلى مصدر موثق . . . وهذا الأمر لم يكن معروفاً من قبل مطلقاً منذ عصور .

وأصبح للسلفيين وجود في المجتمع ، وحضور في لقاءات العلماء ، ودخول في الانتخابات العامة ، والمشاركة في المظاهرات والاحتجاجات ، وفي التدريس الرسمي في المعاهد والكليات ، وفي كل يوم توجد شهادات للماجستير ، أو الدكتوراه في فروع الحديث النبوي ، وأما الكتب المؤلفة في ذلك فلا سبيل لحصرها ، وأغلبها اعتمد في تخريجه على الشيخ الألباني ، وحتى في الإعداد للجهاد في فلسطين ، وقد أعد الشيخ ناصر نفسه لمقاومة الاستيطان الصهيوني ، وكاد أن يصل إلى فلسطين لولا المنع الحكومي للمجاهدين .

واستمر مجداً مجتهداً في عمله الذي أمضاه في المكتبة الظاهرية بدمشق ، والمكتب الإسلامي ، ثم في داره بعمان على نفس الوتيرة ، وبارك اهل في عمله طوال حياته التي قاربت التسعين عاماً .
وإننا نحتسبه عندك يا الله ، وأنت أرحم الراحمين .

المصدر: مجلة الفرقان (115/19).